الأمير المجاهد: أصنيبَه ولد ببكر
نسبه ونشأته
هو أصنيبَه ولد سيدي ولد امبارك ولد سيدي ولد بوبكر ولد داديف ولد امبوجي ولد محمد (الملقب امحيمدات) ولد بوبكر ولد أحمد ولد عبد الجبار ولد كروم ولد ملوك ولد بركن ولد هداج ولد محمد ولد المختار ولد عمران ولد مغفر ولد أودي ولد حسان.
أما والدته، فهي شريفة من شرفاء أهل محمول اشريف، سكان لكراع قرب أكجوجت.
ولد في ثلاثينيات القرن التاسع عشر الميلادي، وهو الابن الأكبر لسيدي ولد امبارك، وتولى زعامة قبيلة أولاد أحمد خلفًا له سنة 1861م.
صفاته
كان رحمه الله:
• نحيفًا، طويل القامة، ذا لياقة بدنية خارقة.
• فارسًا مقدامًا، شجاعًا، خفيف الظل، رشيق القوام.
• قليل الأكل، ليس بالبدين، صادق الوعد والقول.
• رحيمًا بالناس، ملاذًا للمظلومين والمستضعفين.
• مهاب الجناب، مصان الحِمى.
وقد وصفه الشاعر ولد محمد صالح قائلًا:
مانـك كيف الملوك أظواگ
ولا انك كيفتهم زين أخلاق
ولا زند ولا فخذ ولا صاك
الفخذ أنت فخذك ممصوص
وأزنادك والصگان أركاگ
كرشك مخطوفه كيف الگوص
وأخلاقك شينه شي ينذاگ
ما تبقيه ولفظك منصوص
و مسلم مولانا والخلاق
جعلك للمسلمين ادروص
والسان ومذاق وتنصاگ
نافدتك من لدع اللصوص
اتمون واتمول مذاگ
فيها عرب مذاق حوص
تو الغلظ أغليظ و لعاگ
واتحوص الغلظ الي ممعوص
بالزنفه والرجله واطباگ
المعطى وفهم النصوص
و ابرد بيك الخلق وشيّد
قبلك كان امساكين اكوص
و ابرد بيك المرتع و ابرد
بيك الما وابرد بيك الكوص
جهاده ومقاومته
لم يكن لمن اجتمعت فيه هذه الخصال أن يرضخ للمستعمر أو يرضى العيش تحت سلطته.
فقد وقف الأمير أصنيبَه في وجه الاحتلال الفرنسي، مجاهدًا في سبيل الله والوطن.
• شارك في ملحمة “أودن” سنة 1897م / 1314هـ، على رأس مجموعة من أبناء عمومته.
• هاجر من لبراكنه إلى تگانت لمواصلة المقاومة، حيث قال في إحدى مقطوعاته، باكيًا أطلال تجگجة والرشيد، ومحقرًا شأن المستعمر، داعيًا العرب إلى الثورة عليه:
تگانت خرفت لحگ وْعيد
تجگجة وُ عيد الرشيد
گدْ الْفيهم من لمحاسيد
انْصيريني محْزوزَ بيه
يَلَعرب گومُ مدّو ليْد
للغَلظْ اليوم و موتو فيه
هذا كامل مزال إفوت
و تعود أولاد آدم تحْكيه
العربِ فرظ اعليه إموت
و الرگّ ماهي فَرظ اعْليه
وقد أرسل له بابَ ولد الشيخ سيديا رسالة يدعوه فيها إلى التخلي عن المقاومة، فأجابه بقصيدة مشهورة، يعترف فيها بمحبته له وبمكانته العالية، لكنّ الظروف فرضت عليه الهجرة، ما دام في أرض لا يُستشار فيها في الخير أو الشر. فقال:
گول البابَ عني نبغيه
تلمديهْ و نَخْتَـيـرانجيـهْ
و لا نُـتَـهّـم فَعْميـل الهيـهْ
والَّ ذاك الــي مُـبَـصّــر
واعْلَ ذاك الّـي كنت اعليـهْ
يقيرْ آن فالحـگ اكْبـر
گولو لـو و گَـلْ اتْشيشير
امنْ الاّهي يبني محصر
ماهو مُحظّـرْ فمْـرْ الخيـر
و لاهو مُحظّـرْ فمْـرْ الشر
كما شارك في مؤتمر “اغزي الأركاب” سنة 1906م، الذي دعا إليه الشيخ ماء العينين، وضم وفودًا من غرب الصحراء الكبرى، لتنسيق المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي.
أدبه وشِعره
كان الأمير أصنيبَه أديب لبراكنة بلا منازع، شهد له بذلك معاصروه، مثل ألبو ولد أمين، ومن بعدهم كبار الأدباء، كـ الشيخ ولد مكين وغيرهما.
تناول في شعره أغراضًا متعددة:
• الحماسة والدعوة للجهاد.
• النسيب والبكاء على الأطلال.
• النصح والحكمة والوعظ.
من شعره:
نعرف بعد أن راص احداد @ اتويشيل حاجل عاد
واروَيص ارگيگ گبلت واد @ الفرع املي حاجلي
و واد الفرع وذاك امن أغراد @ أگان إلين اتويشل
هاذ حاجلي يل عاد @ الل حاجلي ماكنلي
ويقول أيضًا:
أراع لمونك فالزمان @ اخلگ يالبال اليوم إبان
هاذ نوبة لم الفرگان @ گذ گذ مرحل واسلف
مات الصيف ومر الحمان @ ولا فات ور ثقل المخرف
و ذيك ارياح أماروگ اتبان @ والبراگه عادت تخلف
و عاد الما يور فگرجان @ والناس امزكيت تغرف
أمّ تمانوكت يالبال @ مافيه ذاك اللي تعرف
ماهي تمانوكت تنگال @ تتمونكلك والل تزدف
وفي الزهد:
يلي نفسك للرزق اتميل @ واعليه عت اتبان اذليل
من ش يوقع فيه ثقيل @ أعلم عن ذ كامل مدروك
لرزاق اعليهم ميكائيل @ موكل مايترك متروك
ولرواح اعليهم عزرائيل @ يگبظه من ذوك ومن ذوك
وانت مملوك وميكائيل @ وعزرائيل املي مملوك
وله في الحكمة:
الليلُ عاد ازمان اطويل @ امشيت اعل عزم استگبيل
رافدن هم اكبير اثقيل @ وألا فهل اكفليت وطيّت
واعطيت امگيل ماه اطويل @ واكتن للراغب فيه الگيت
عت استگبيل ذاك اگبيل @ ما يمكن كون إلا تميت
مساجلاته الأدبية
عاصر الأمير أصنيبَه العديد من الأدباء الكبار، وكانت له مساجلات شهيرة، أبرزها مع الأديب ألبو ولد أمين، والذي تقول بعض الروايات إنه ابن خالته.
قال ألبو في إحدى المساجلات:
من ذاك ألي راصك گال
يا اصنيب ماه اعل ذيك الحال
تعرف عنك يغل لطفال
امنمن كاره تزمگ
و اعل يغنيها گلبك مال
واكريمي والگعده وإيگك
فأجابه أصنيبَه:
الخبر ألي خبرو يندس
لاهيلي يالبو بيه اتمس
اتحرش مره واتملس
داير بيه البدعي تفتگ
وان ظهر عن ذاك أگعس
وول اعشار أو مخلول أو حگ
وفاته
توفي الأمير المجاهد أصنيبَه ولد ببكر رحمه الله سنة 1915م، عن عمر حافل بالمكارم، والزعامة، والجهاد، والأدب.
وقد دُفن في مقبرة عظم النور، التي أوصى أن يُدفن فيها.
وبوفاته، طُويت صفحة ناصعة من صفحات المقاومة والقيادة في تاريخ موريتانيا.
رحمه الله تعالى وأكرم مثواه.


