الأدباء

أَرَبانْ ول اعمر ول محم

أَرَنْ ول اعمر ول محم

الرمز الاجتماعي والأديب الكبير أربان ولد اعمر محم (احمادو).

  1. النشأة والبدايات
    • وُلد أربان تقريبًا في سنة 1900 ميلادية في قرية كليـر (كَليْرْ) التابعة لمقاطعة باركيول بولاية لعصابة، الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
    • اسمه الكامل: أحمادو ولد أعمر ولد محم، ويُلقّب «أربان».
    • نشأ في أسرة قيادة ونفوذ في منطقة آفطوط ، لعصابة، وكانت البيئة التقليدية – البدوية أو شبه البدوية – جزءًا كبيراً من تكوينه الثقافي.
    • منذ صغره تلقّى التعليم القرآني: حفظ القرآن الكريم في مقتبل عمره، ثم اطلع بعد ذلك على العلوم الشرعية الأخرى، كما درس اللغة العربية وفنونها.
    • ضمن هذا المسار، بدأت قدراته الأدبية تتبلور، فتميز بخاصتي الحفظ والفصاحة، وهو ما أهّله ليكون من الأصوات الأدبية البارزة في منطقته و وطنه بصفة عامة.
  2. الحياة الأدبية والاجتماعية

أ) الشخصية والأدوار الاجتماعية
أبٌ لولدين هما:
يسلم أعمر محم
الشيخ أحمد اعمر محم
وأربع بنات.
• يُعرف عنه أنه شخصية اجتماعية بارزة في مجتمعه: فكان لا يكاد قومه يعقدون مجلسًا أو يوفدون سفارة إلا وكان على رأسها ممثلاً ومتحدثًا باسم القوم.
• هذا يعني أن دوره تجاوز كونه شاعرًا أو أديباً فقط، بل كان رمزاً و وسيطًا اجتماعيًا، مُخاطبًا لممثلي الجماعة، يُعبر عنهم ويلقّنهم، ويشارك بفاعلية في شؤون الرأي والقرار المجتمعي.
• من خلال حفظه القرآن والفصاحة العربية، ومن خلال شعره الحسّاني، ومكانته الاجتماعية السابقة للمميزاته الأدبية، اكتسب احترامًا واسعًا في مجتمعه، وصار «أديبًا بالعامية، وشاعرًا بالفصحى أيضًا، وتمثل هذه الصفات شرطاً أساسياً للفتوة والحضور والقيادة في المجتمعات التقليدية في تلك الفترة وقد أتقنها رحمه الله بجدارة واقتدار.

ب) العلاقة بالأدب الحساني والطبيعة
• يُعدّ من أشهر الشعراء الذين نظموا بالشعر الحساني (لغة أهل الصحراء – الحسانية) في موريتانيا وشبه المنطقة.
• وقد تميّز بوصفه للطبيعة، بل واعتُبر من أشهر أدباء الطبيعة إن لم يكن هو شاعرها الأبرز.
• أسلوبه يمزج بين الفصحى والعامية (الحسانية)، وهو ذلك الذي جعله جسرًا بين التراث المحلي واللغة العربية الفصحى، ما أعطاه حضورًا أدبيًا مميزًا في السياق المحلي و الوطني.

ج) الدور السياسي أو العام
•يتمثل دوره السياسي في حضوره وبروزه كممثل للمجتمع، ومُنظّم للمجالس والوفود، و يُعد هذا بحدّ ذاته أبرز الأدوار السياسية والاجتماعية في تلك الفترة و يشي بأنّه كان رحمه الله عنصرًا قياديًا محليًا، و وجيهاً ورمزاً اجتماعياً لمجموعته الضيقة وقبيلته (تجكانت) بصفة عامة.
• بمعنى آخر، كان «الشاعر والناطق باسم الجماعة، وهذا يُعدّ نوعًا من السلطة المجتمعية الثقافية، التي تترابط مع السياسة المحلية أو العرفية.
• في السياقات التقليدية، مثل تلك الموجودة في بيئته التي نشأ وترعرع فيها ، يصبح أمثاله ممن جمعوا بين الرمزية التقليدية والفتوة البارزة والقدرات التعبيرية والقيادية، فئة نادرة من الشخصيات المرجعية في المجتمعات التقليدية بمقاييس النظم الاجتماعية المحلية في تلك الحقبة من عمر المجتمع.

  1. إنتاجه الأدبي ونماذج من شعره

أ) السمات الأدبية
• أحد أبرز سماته: مزجه بين العامية الحسانية والفصحى العربية، مما أعطى شعره قدرة على مخاطبة الجماهير المحلية والتعبير عن الحسّ الإنساني أو الطبيعي.
• وصفه بالطبيعة والدهر والليل، وتحركات الخيل والبادية، وعبور الشدائد، كان من أبرز مواضيع شعره.
• يتميز شعره بإيقاع بدوي-صحراوي، نابع من بيئته الأصلية، يصوّر اللّيل والبرد والريح والخيم والزاد، كما في أحد نماذجه:

كالحمد الي منزل لعلابْ
دهرُ فات ءُكَفّات اسحاب
لخريف أطافِ عاد اشهاب
لخريف و حرْكت ياجـ ورَه
وافرق باس الخيل الّرْكاب
المنهم كانت معذوره
و اخلطْ برد الليل و لمظـل
و اريـاح السّـهـوَ مهـرورَ
و اخلَـطْ زاد اگِليـو و ظـل
الخـيْـمَ هـيّ. وامـور

نماذج أخرى من أدبه:

هذا الدهر اتفو بيه
مارت عنّـو غـدار
مـارت ما تـورا فيـه
حـلاوَ مـا تمرار

خظت اعل دار اليوم
اهـل ايّ يالقيــوم
شفت أگـومْ التّيْـدومْ
لمْسَهْـوي كـان الـدار
محروگ و عاد احموم
سبحـانـك يـالقهـار
معْـوَد حـرّاگ اَگـوم
مـاهـو فاهم لخبـار

•   يمكن ملاحظة أن ادبه يستحضر «الدهر» كقوة تتحرك، وكذلك الزمان والمكان، والبُعد القصصي للحياة البدوية — ليس فقط وصفًا، بل تأمّلًا في الحال.

ب)موضوعات وأفكار بارزة
• موضوع «الدهر» والزمان: كيف أنّ الأيام تمرّ، وكيف أنّ الفرح والحزن، البداوة والتغير، كلها أمور تندرج تحت خطّ الحياة الذي يصوره الشاعر.
• موضوع الطبيعة والبادية: الخيل، الريح، الخيمة، الليل، البرد، الزاد… كلها رموز للحياة البدوية، ولـ «رحلة الإنسان».
• موضوع الجماعة والفرد: ففي بعض النصوص يشير إلى «أنا» و«جماعة»، وإلى من يترك أو من يُترك، إلى الوطن، إلى الخيمة، إلى العودة أو الغربة.
• موضوع الحكمة: مبتغاه ليس فقط وصفًا، بل حكمة في الحياة، كما تُشير المصادر إلى أنّه (أوتي ملكوت القول والحكمة.)

  1. دوره الثقافي والتراثي
    • يُعدّ أربان أحد رموز الأدب ليس فقط في ولاية لعصابة بل في عموم مناطق البيظان وشبه المنطقة، ويُنظر إليه باعتباره أنجز ما لم ينجزه كثير من الكتاب المحليين في وصف البيئة البدوية والصحراء. • من خلال نشاط الجمعيات الأدبية مثل «رابطة كتاب وأدباء لعصابة»، يتّم استحضاره ضمن برامج إحياء التراث، حيث يُسلّط الضوء على شخصيات مثل أربان لاستعادة الذاكرة الأدبية الإقليمية.
    • هذا النوع من الأدب مهمّ لأنه يربط بين الثقافة الشفوية (الشعر الشفوي، الحسانية) وبين الثقافة المكتوبة، ويُساهم في تكوين الهوية المحلية، ومقاومة النسيان الثقافي.
  2. نماذج أيضا اخرى من ادبه:

راصي ذلي حامل من عود = عالم بعد الحي المعبود
عن صاعب وثقيل وكوْد = حملي بيه وگاسي وقريش
وني مانگْدر كنت أنعود= سابك ذ نرفد عود أحشيش
غير أثقل منذ يالمعبود= الصيف أعكب وظلام أنيش
وخظار لكراير فمبود= ونزاحت فركان إدوعيش
وكلت زاد أرجل حد إعود= كان إجيب أخبار أب عيش.


فرعْ اجَّـرْكْ الْ مَسْيَلْ لِعْبَارْ = اللي فيه اجَّـرْك ولَحْـجَارْ
وأيْجُوهْ أَمْسَايِلْ مِنْ حُمَّارْ = لَحْرَشْ ذاكْ الْمَسْيَلْ نبغِيه
بِيَّا نَعْرَف فِيه آنَا دار = نَعْرَفها فِالدَّهْر اتغَلّيهْ
احسْن بِيهَا ذا الدهر وصَد = كٌـبَلْ غِيرْ الدهر أتفو بيه
ما يحسن بَايَّام أعْـلَ حدّ = أبَايَّامْ أُخْـرَى سَاء اعليه.

وفاته:
• توفي أربان رحمه الله سنة 1980م في العاصمة نواكشوط، عن عمر يناهز الثمانين تقريبًا، بعد حياة حافلة بالأدب الرفيع و القيادة و الرمزية الاجتماعية ، ودفن في مسقط رأسه قرية كَليْرْ.
تغمده الله بواسع رحمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى